الصفحة الرئيسية > الأخبار اليومية
كلمة السفير لي ليانخه في الدورة الأولى للندوة العربية الصينية
2014-12-16 14:44
 

إحياء طريق الحرير لتعزيز الصداقة الصينية العربية

كلمة السفير لي ليانخه في الدورة الأولى للندوة العربية الصينية

(14 ديسمبر 2014، قاعة الشارقة بالخرطوم)

معالي الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الاستثمار السوداني المحترم،

السيد صديق محمد علي الشيخ نائب والي ولاية الخرطوم،

سعادة السفير محمد ماء العينين سفير المملكة المغربية لدى السودان،

السيد أحمد عبد الرحمن أمين عام رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية،

الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني السابق وأمين عام مجلس الأحزاب السياسية الإفريقية،

السيدات والسادة والأصدقاء الأعزاء:

صباح الخير! يسعدني أن ألتقي مع الأصدقاء الحضور تحت سقف واحد للتباحث حول سبل تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية. فيطيب لي في البداية أن أتقدم نيابة عن سفارة الصين لدى السودان بالتهاني الحارة بافتتاح الدورة الأولى للندوة العربية الصينية، وأعرب عن التقدير العالي للجهود المبذولة من قبل رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية والأصدقاء من الأوساط المختلفة لإقامة هذه الندوة.

تضرب جذور العلاقات الصينية العربية إلى أعماق التاريخ. فقبل أكثر من 2000 سنة، أصبح طريق الحرير العتيق عُرى الصداقة التي ربطت الشعبين الصيني والعربي وأعادت للصين والعالم العربي بالسلام والازدهار. ومنذ العصر الحديث، تَوارَثت الصين والدول العربية روحَ السلام والتعاون والانفتاح والتسامح والتكامل والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة التي حملها طريق الحرير جيلا بعد جيل. فدعم بعضهم البعض في النضال من أجل صيانة الكرامة الوطنية والدفاع عن السيادة، وساعد بعضهم البعض على استكشاف الطرق التنموية وتحقيق النهضة الوطنية، ويستفيد من بعضهم البعض من خلال مساعيهم لتعميق التواصل الثقافي وتحقيق الازدهار للثقافة الوطنية، الأمر الذي عمّق الصداقة الصينية العربية وزاد التقارب بين الشعوب.

ومنذ القرن الجديد، قفزت العلاقات الصينية العربية إلى مستوى تاريخي جديد. تمت إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين الجانبين، وتعمقت الثقة السياسية المتبادلة باستمرار. وحقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين تطورا مطردا، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 240 مليار دولار أمريكي في العام 2013 مقارنة مع 20 مليار دولار في العام 2001. تنوعت التبادلات بين الجانبين في مجالات الثقافة والتعليم والسياحة والصحة والتواصل الشعبي، حيث أنشأت الصين 9 معاهد كونفوشيوس في مصر والسودان وغيرهما من الدول العربية، ويدرس في الصين حوالي 10 آلاف طالب عربي كل سنة، ويسافر حوالي 2000 شخص بين الصين والدول العربية كل يوم. كما ظل الجانبان يقومان بالتعاون الوثيق في القضايا الدولية، ويحافظان على التواصل والتنسيق في الشؤون الإقليمية.

من أجل توارث روح طريق الحرير واحياءها وزيادة ديناميكية لتطور العلاقات الصينية العربية على المدى البعيد، أسس الجانبان الصيني والعربي منتدى التعاون الصيني العربي في العام 2004. على مرور 10 سنوات منذ تأسيس المنتدى، لقد تمت إقامة أكثر من 10 آليات تعاون في إطاره، فقد أصبح المنتدى محرّكا هاما لدفع الصداقة الصينية العربية. انعقدت الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي بنجاح في بكين يونيو الماضي، حيث حضر الرئيس الصيني شي جينبينغ حفل الافتتاح وألقى كلمة هامة وطرح سلسلة من المبادرات والأفكار الواعدة حول كيفية تعميق التعاون الصيني العربي من كافة الأبعاد، خاصة حول التعاون في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن الـ21" المعروف بـ"الحزام والطريق" ، الأمر الذي وجد إقبالا وثناءا لدى الدول العربية.

شدد الرئيس شي جينبنغ أن الصين والدول العربية تُعتبر شريكَيْن طبيعيَيْن لبناء "الحزام والطريق" الجديدين، ويجب على الجانبين الاتزام بمبدأ التباحث والتضامن والتقاسم، وبذل جهود مشتركة لتشكيل إطار تعاون "1+2+3"(واحد زايد اثنين زايد ثلاث). يمثل "1" ضرورة اتخاذ التعاون في مجال الطاقة كالقاعدة الأساسية، ويمثل "2" ضرورة اتخاذ مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات كجناحين لتعزيز التعاون، أما "3" فيقصد بضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في 3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة، متمنيا زيادة حجم التبادل التجاري الصيني العربي من 240 مليار دولار للعام الماضي إلى 600 مليار دولار وزيادة رصيد الاستثمار الصيني غير المالي في الدول العربية من 10 مليارات دولار للعام الماضي إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة. اتفق الجانبان على تحديد عام 2014 وعام 2015 عامين للصداقة الصينية العربية. وخلال الثلاث سنوات القادمة، سيقوم الجانب الصيني بتدريب 6 آلاف موهبة عربية في مختلف التخصصات. وخلال العشر سنوات القادمة، سيتم من الجانب الصيني تنظيم زيارات متبادلة بين 10 آلاف فنان صيني وعربي للتواصل، وتشجيع ودعم التعاون التخصصي بين 200 مؤسسة ثقافية صينية وعربية.

تُعد الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي حدثا كبيرا في تاريخ العلاقات الصينية العربية، ومن المؤكد أنها ستدفع العلاقات الصينية العربية بالقوة . وقد بدأت الجهات الصينية المختصة تكثيف الجهود على التنسيق مع نظيرتها العربية لترجمة روح الاجتماع إلى أرض الواقع.

السيدات والسادة والأصدقاء الأعزاء،

يمر العالم بتغيرات معقدة وعميقة في الوقت الراهن، وتمر كل من الصين والدول العربية بمرحلة حاسمة في مسيرة التنمية بصفتهما الدول النامية، ويكُّن الشعبُ الصيني والشعوب العربية نفسَ التطلع إلى تحقيق "الحلم الصيني" و"الحلم العربي" المتمثلين في تطور الوطن ونهضة الأمة ورفاهية الشعب. ففتحت مبادرة الرئيس شي جينبينغ بشأن بناء "الحزام والطريق" أفق أرحب للتعاون الصيني العربي.

تنظر الصين إلى العلاقات الصينية العربية بمنظور استراتيجي. ومهما كانت تقلبات الأوضاع الدولية والإقليمية، لن نتغير إرادتنا السياسية في تطوير الصداقة الصينية العربية التقليدية وتعزيز التعاون المتبادل المنفعة، ولن نتغير سياساتنا الأساسية لصيانة استقرار المنطقة العربية ومصلحة شعبها، وذلك بصفتنا إخوة وأصدقاء وشركاء أوفياء للشعوب العربية. نحن على قناعة بأنه طالما اقتَنَصنا الفرصة التاريخية التي تأتي بها مسيرة بناء "الحزام والطريق" وطالما التزمنا بالجهود نحو هدف مُوَحَّد، سيدخل التعاون الصيني العربي مسارَ التطور السريع وسيزيد طريق الحرير العتيق ازدهارا وتَألُقا جديدا.

تُعدّ التبادلات الشعبية زاوية الأساسَ للصداقة الصينية العربية. وبهذا الصدد، ظلت رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية تبذل جهودا دؤوبة منذ تأسيسها لإثراء التبادلات الشعبية الودية بين الجانبين، فأسجل لها التقدير العالي والشكر الجزيل. إن ندوة اليوم مفيدة لدفع تبادل الأفكار وتقارب القلوب بين الجانبين، وأتمنى لها كل النجاح والتوفيق وأرجو أن تُطرح فيها مقترحات وأفكار وافرة لتعميق الصداقة الصينية العربية وتحقيق التنمية المشتركة.

أخيرا، أود أن أتقدم بالشكر الخاص للإخوة السودانيين على مساهمتهم الجليلة لتطوير رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية وتعزيز الصداقة والتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية. تُعتبر العلاقات الصينية السودانية نموذجا لـ"التعاون بين الجنوب والجنوب" وللعلاقات بين الدول. نحرص على دفع علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين إلى تطور مستمر بمناسبة الذكرى السنوية الـ55 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتحت راية التعاون الصيني العربي المشترك لبناء "الحزام والطريق".

وشكرا للجميع!

Suggest to a Friend:   
Print