الصفحة الرئيسية > الأخبار اليومية
العلاقات الصينية السودانية, وسياسة الصين الخارجية الحالية أسئلة واجوبة للمؤتمر التنويري الذى أجراه " صالون الشاي الصيني" مع السفير الصينى لدى السودان,
2022-05-26 12:00

س1: مبعوث الحكومة الصينية الخاص لقضايا الشرق الاوسط تشاي جيون قد زار السودان مؤخرا, هل بإمكانك ان تحدثنا عن تلك الزيارة؟.

السفير ما: الصين والسودان يتمتعان بعلاقات صداقة وشراكة ممتدة  لوقت طويل. ومنذ انشاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 63 عاما, واصبح البلدين دائما يدعمان بعضهما البعض فى القضايا الهامة والرئيسية ذات الاهتمام المشترك, صداقتنا مع السودان متجذرة فى اعماق التأريخ, وذلك من خلال الدعم المتبادل بيننا, فهى علاقة راسخة لاتتأثر بالمواقف والاحداث الفردية.

المبعوث الصينى الخاص لقضايا الشرق الاوسط تشاي جيون انهى زيارة ناجحة للسودان فى الفترة ما بين 21 الى 23 مارس الماضى, التقى خلالها رئيس المجلس السيادى الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان, وقد تم تداول الاراء والافكار بعمق حول سبل تطوير العلاقات الثنائية الى جانب التنسيق فى القضايا الاخرى ذات الاهتمام المشترك, المتمثل فى الوضع السياسى الراهن فى السودان, وعبر المبعوث الصينى تشاي قائلا ان الصين دائما تتبنى الاراء الاستراتيجية بعيدة المدى فى علاقاتها الثنائية, وان الصين مستعدة ان تعمل مع السودان لتعميق الثقة وتبادل الاراء السياسية ورفع درجة التعاون فى كيفية التصدى على الوباء تحقيقا للمكاسب الكبيرة التى تخدم صداقتنا ومصالحنا المشتركة, واضاف ان الصين ستستمر فى مؤازرتها للسودان من خلال مبادرة الطريق والحزام لدعم التنمية الاستراتيجية فى السودان, كما ان الصين ستتخذ خطولت جادة لتنفيذ مقررات منتدى التعاون الصينى الافريقى والتى تشمل تسع برامج تنموية والتى من خلالها يمكن المساهمة فى دعم السلام والتنمية فى السودان.

واكد تشاي جيون ان الصين لديها موقف ثابت وواضح تجاه المشاكل التى تواجه السودان, مبينا ان الصين ستدعم شعب السودان من اجل الوصول الى حلول ذاتية, كما ان الصين واثقة فى حكمة السودان وقدرتها على ادارة شأنها الداخلى. الصين تدعو جميع الاطراف فى السودان الى تجاوز الخلافات عبر الحوار ومن خلال التنازلات وذلك تحقيقا للاستقرار القومى وحفظا لمصالح الشعب السودانى, وهذه ستكون قاعدة صلبة للانتقال السياسي السلس. ايضا الصين تدعو المجتمع الدولى لاستعادة دعم السودان, ومساعدته للتغلب على تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية, كما ان الصين ستتعاون مع المجتمع الدولى حتى يتحقق الانتقال السياسى الآمن فى السودان. ومن خلال الزيارة التقى تشاي جيون بزعيم حزب الامة القومى.

 وأريد التأكد مجددا ان الصين ستتطلع للعمل مع السودان لتعزيز الثقة من خلال التبادل السياسي والتعاون العملى وخلق مستقبل مشرق لعلاقات صداقة صينية سودانية ذات بعد استراتيجى, كذلك اضاف قائلا ان الصين مستعدة للعب دور ايجابي يصب فى مصلحة الانتقال السياسى فى السودان, وذلك من خلال العمل مع الدول الاخرى حتى ينعم السودان بالسلام والاستقرار والتنمية.

س2: فور اندلاع الوباء, فإن الصين والسودان قد تضافرا الجهود لاحتواء الفايروس, وان الصين قدمت اشكال مختلفة من  الدعم القوى والثابت للسودان للتعاطى مع كوفيد-19, هل لدى الصين خطة حول كيفية التعامل مع كوفيد-19 فى المرحلة المقبلة؟

السفير ما: كما ان الحكمة الصينية تقول "سيكون السير شاقا عندما تكون وحيدا, وسهلا مع الجماعة" فالصين تثمن موقف السودان وشعبه الداعم, حيث ان السودان عبر عن دعمه للصين وهى تجابه الوباء بضراوة, حيث قابل الصين هذا الموقف بإستحسان, فارسلت الصين فى وقت مبكر فريق طبي للسودان يتكون من 20 طبيبا, حتى يتمكن السودان من وقف الوباء والسيطرة عليه وذلك فور انتشاره فى البلاد, فكانت الصين هى الدولة الاولى التى ارسلت فريقا طبيا لمساعدة السودان, كما ان الصين هى الاولى التى قدمت اللقاحات المضادة لكوفيد-19وذلك من خلال قنوات العمل الثنانئ المشترك, تبرعت الصين ب 250,000 جرعة من اللقاحات, الى جانب 23 حزمة من المساعدات الطبية, والتى مكنت السلطات الصحية فى السودان من التغلب على الفايروس, وفى وقت قريب تم تجديد البرتكول الخاص بفريق المساعدات الطبية الصينية للسودان, حيث تم تسليم الدفعة الاولى من المعدات الطبية والتى تبرعت بها الحكومة الصينية لوزارة الصحة الاتحادية فى اواخر هذا الشهر وذلك عبر مظلة آلية التعاون والتوأمة بين المستشفيات الصينية والسودانية.

وقد تبرعت وزارة الخارجية الصينية بمبلغ 4.55 مليون يوان صينى عبارة عن قيمة امدادات طبية مضادة للوباء, حيث كان التبرع  للمجلس السيادى السودانى ووزارة الخارجية الصينية. يمكن القول ان الجهود المشتركة من خلال أخذ الحيطة والحذر فى وقت الشدة الى جانب التكاتف معا فى محاربة الوباء مكننا من تجاوز الساعات الحرجة للجائحة وزاد من توطيد اواصر الصداقة بيننا.

بما ان فايروس كرونا لازال متواجدا فى العالم, فأصبح حتما على كلا الدولتين التغلب على التحديات التى نتجت بسبب الجائحة, وعلى ذات النسق, فإن الصين تعمقت فى تعاونها مع السودان فيما يتعلق بالتعاطى مع كوفيد-19 عبر الارسال المبكر لدفعة جديد من القاحات, مما ساعد السودان على السيطرة على الجائحة فى وقت مبكر, هذا الى جانب استعداد الصين على التعاون مع السودان فى تنفيذ البرامج الصحية, كواحدة من ضمن برامج منتدى التعاون الصينى الافريقى. وفى هذا الاطار فإن الصين ستقوم بدورها الكامل فى تسهيل مهمة فريق المساعدات الطبية للسودان. وعليه فإن مستشفيات الصداقة الصينية السودانية وآلية التوأمة بين كل من مستشفيات الصين والسودان, مكنت السودان من تطوير مقدراتها الطبية الخاصة بالرعاية الصحية العامة. هذا التعاون سيفتح آفاق واسعة للعلاقات الثنائية, وسيجلب منافع عظيمة لشعبى البلدين وسيزيد من اهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين فى العهد الجديد.

س3: كيف تنظر الى الانجازات التى تمت من خلال التعاون الثنائى العملى فى السنين الماضية؟ وماهى توقعاتك المستقبلية لها؟.

السفير ما: فى السنين القليلة الماضية كانت نتائج التعاون بين البلدين مستمرة, مستقرة, معافاة ومتطورة, وظلت الصين تحتل موقع اكبر شريك تجارى للسودان, وهنالك اكثر من 130 شركة صينية تعمل وتستثمر فى السودان فى مجالات مختلفة, كالنفط, الزراعة, التعدين, الصحة وفى مجالات البنى التحتية, وقد شهدت هذه المجالات تقدما ملحوظا رغم الآثار السالبة التى خلفتها الجائحة على المشروعات التنموية, ومن المشروعات الناجحة تحديدا مشروع  المسلخ ومشروع الامداد المائي وحفر الآبار, الى جانب مشروع صناعة السيارات CHERY والتى دخلت السوق السودانى بعدد 300 سيارة, علاوة على قطارات الديزل, ايضا ساهمت الصين فى خلق 30,000 وظيفة من خلال زراعة القطن المحور وراثيا والتى اشرف عليها شركة التنمية الزراعية والتى تتخذ من محافظة شاندونغ مقرا لها. هنالك اكثر من 70,000 امرأة وطفل فى السودان استفادو من مشروعات الرعاية الصحية التى نفذتها الحكومة الصينية عبر صندوق المساعدات والتعاون الجنوبى الجنوبى. وفى ذات الاطار فإن معمل التحاليل المعدنية والذي شيده معهد ابحاث الموارد الجيولوجية فى شاندونغ مكن السودان من اجراء فحوصات معدنية وفقا للمعايير الدولية.

علاقات التعاون الصينى السودانى تحيطه آفاق واسعة وامكانات هائلة, الصين ستعمل جاهدا من اجل الارتقاء بمشروعات التنمية الرئيسية فى السودان, فمشروع المسلخ اسهم بصورة واضحة فى المضى قدما فى اتجاه استمرار المساعدة المتعلقة بالامصال واللقحات الخاصة بكوفيد-19 الى جانب قطاعات الزراعة, الطاقة والتعدين. الصين ستعمل على تشجيع الشركات الصينية للمشاركة فى تشييد السفن والموانئ والمطارات حتى يتمكن السودان من استغلال موارده, وبما ان السودان يتمتع بموقع جغرافى متميز فإن ذلك سيمكن السودان من الاسهام فى تطوير الاقتصاد وتحسين معاش الناس.

ش4: فى سبتمبر من العام الماضى تقدم الرئيس الصينى شي جينبينغ بمبادرة عالمية للتنمية, وذلك اثناء انعقاد جلسات الدورة ال 76 للجمعية العامة للامم المتحدة, وفى ختام اعمال منتدى بواو لاسيا للعام 2022 تقدم الرئيس الصينى بمقترح آخر كمبادرة للامن العالمى, هل يمكنك ان تخبرنا عن تلك المبادرتين؟.

السفير ما: بما ان كوفيد-19 قد شارف على الانتهاء, الا ان تهديدا آخر طرأ علينا الا وهى الازمة الاكرانية, فنحن على رهان مع السلام والتنمية الدوليين ونحن على تسارع مع الوقت, لاننا على مفترق الطرق, وان مشتقبل البشرية مرهون بما نختاره نحن من خيار, الرئيس الصينى شي جينبينغ اقترح المبادرتين, التنموية والامنية واللتين تمثلان الحكمة الصينية لدعم وتعزيز الجهود المبذولة عالميا لمعالجة الاشكالات التنموية, وكمحاولة من الصين لتقديم حلول تخاطب التحديات الامنية الدولية, لذا نجد ان المبادرتين تكملان وتعززان بعضهما البعض.

المبادرة الدولية للتنمية هى رؤية مقدمة من الصين للتعامل من التحديات التى طرأت على نطاق الكون, وفيها مصلحة عامة لكل العالم, وهى تهدف كذلك الى لفت انتباه العالم للضغوطات والتحديات التى تواجه الدول النامية, والالتفاف حول اهداف التنمية المستدامة للعام 2030 وتعزيز التنمية العامة عبر العالم. مبادرة التنمية محورها الرئيسي هو الانسان, من حيث تحسين المعاش وتحقيق القضايا التنموية الرئيسية , فلمبادرة محاولة لتحقيق هدف محورى وسعى لسد فجوة التنمية وخلق مزيد من الفرص التنموية. وبهذه الطريقة ستصبح التنمية الدولية متساوية, فاعلة وشاملة, بحيث لايسمح لاى دولة من دول العالم ان تتخلف, وقد وجدت المبادرة ترحيبا من قبل الامم المتحدة منذ طرحها, حيث رحبت بها اكثر من 100 دولة من بينها السودان, كما ان المبادرة تبين مرة اخرى التزام الصين ودعمها الثابت والمتواصل للتنمية العالمية.

اما فيما يتعلق بالمبادرة الدولية الامنية, فهى الاحدث دوليا لتحيق المصالح  الامنية العليا للدول, وهى مبادرة صينية لمخاطبة التحديات الامنية الدولية وترقيتها على نطاق واسع, ويمكن القول ان المبادرة الامنية تشتمل على ستة مبادئ، ألا وهي: التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، والعمل سويا على صيانة السلام والأمن في العالم؛

التمسك باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام الطرق التنموية والنظم الاجتماعية التي اختارتها شعوب العالم بإرادتها المستقلة؛

التمسك بالالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ونبذ عقلية الحرب الباردة ومعارضة نزعة أحادية الجانب وعدم ممارسة سياسة التكتلات أو المواجهة بين المعسكرات؛

التمسك بالاهتمام بالهموم الأمنية المشروعة لكافة الدول وإقامة إطار أمني متوازن وفعال ومستدام على أساس مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة ومعارضة السعي الى الأمن القومي على حساب الأمن القومي للغير؛

التمسك بإيجاد حلول سلمية للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار والتشاور، ودعم كافة الجهود التي تسهم في إيجاد حلول سلمية للأزمات، وعدم جواز المعايير المزدوجة ومعارضة فرض عقوبات أحادية الجانب بشكل عشوائي أو ممارسة "اختصاص طويل الذراع"؛

التمسك بحماية الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، والعمل سويا على مواجهة النزاعات الإقليمية والقضايا الكونية مثل الإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني والأمن البيولوجي.

هذه المبادئ جديرة بمعالجة الاسباب الرئيسية للصراعات بين الدول وكفيلة بايجاد حلول دائمة للامن الدولى, الصين طبقت عمليا ما فى المبادرتين, وهى على استعداد للعمل مع السودان والدول الاخرى ومع الشعوب المحبة للسلام والتنمية للتأكيد ان المبادرتين سيحقيقان اهدافهما ويجعلان العالم يعيش فى سلام وازدهار وان البشرية مستقبل مشرق.

س5: الازمة الاكرانية ما زالت مستمرة, فماهى رؤية الصين لها؟.

السفير ما: الصين كدولة دائمة العضوية فى الامم المتحدة, تنحاز دائما الى جانب السلام, الحواروالعدل, وظلت تلعب دورا هاما وفاعلا ومسئولا, واذا اردنا ان نتحدث عن الازمة الاكرانية, فإن الرئيس الصينى شي جينبينغ وضع "أربعة ينبغي" لتوضيح موقف الصين الرسمى تجاه القضية الاكرانية, كما ان وزير خارجية الصين وانغ يي قد تحدث عن الشروط الاربعة نيابة عن الصين. هذا الى جانب طرح خمس نقاط لحل القضية الاكرانية وست مبادرات لاحتواء آثار الازمة الانسانية, هذه هى رؤية الصين لحل الازمة الاكرانية وتخفيف حدة الصراع والتوتر, فنظرة الصين للازمة نظرة هادفة, نزيهة, عاقلة وشاملة, وقد وجدت هذه الرؤية فهما متزايدا ودعما من الدول الاخرى, خلاصة القول يمكن تلخيص رؤية الصين وموقفها من الازمة الاكرانية فى خمس نقاط يجب الالتزام بها:

اولا: الالتزام بالقانون الدولى المعترف به فى تناول الازمة الاكرانية, ومنذ اندلاع الصراع الروسي الاكرانى فإن الصين تبنت مبدأ الالتزام بأهداف ومبادئ ميثاق الاممم المتحدة الداعية الى احترام سيادة الدول ووحدة اراضيها, كما ان الصين ترفض اى عقوبات آحادية لا تقرها مجلس الامن الدولى, وتصر الصين على تناول الازمة الاكرانية بأسلوب هادف وبنظرة كلية وحسب القانون الدولي.

ثانيا: الالتزام بمحادثات السلام كحل للصراع, الصين ترى انه من الاهمية بمكان على الجميع دعم كل من روسيا واكرانيا وحثهما على مواصلة الحوار لتحقيق نتائج آمنة, وفى اليوم الثانى للصراع تحدث الرئيس الصينى شي مع نطيره بوتن عبر الهاتف مؤكا ان الصين تتمنى ان ترى محدثات سلام بين روسيا واكرانيا بأسرع ما يمكن, و فى اجتماعه الاسفيرى الاخير مع رئيسي كل من المانيا وفرنسا, تحدث شي عبر الهاتف مؤكدا اهمية وقف الحرب وتنسيق الجهود لتسهيل مهمة محدثات السلام, الصين ستتواصل فى عملها مع المجتمع الدولى للعب دور بناء لحفظ السلام فى المنطقة من خلال المحادثات.

ثالثا: الالتزام بمعيار واحد فى التعاطى مع الازمة الاكرانية وبقية القضايا الاخرى, ولذلك يمكن القول ان المدخل الخاطئ من بعض الدول والمؤسسات الاعلامية والتى تبنت مبدأ ازدواج المقياس عقب اندلاع الازمة الاكرانية اسهم فى دق ناقوس الخطر.ازدواج المقياس امر غير مقبول, غير معقول ان تتعاطف مع لاجئ اكرانيا, بينما تعامل الذين هم من دول الشرق الاوسط وافريقيا وامريكا اللاتينية بطريقة مختلفة, لا يقبل ان تدعو الى سن قوانين لحماية المدنيين فى الحرب الاكرانية, وفى ذات الوقت تسمح بضرب المدنيين فى جمهورية يوغسلافيا الفدرالية, افغانستان, العراق وسوريا وان يفلت مرتكبى تلك الجرام من العقاب, كما ايضا لايمكن قبول الكييل بمكيالين فيما يتعلق بامر السيادة, لا يعقل ان تدعو الى احترام سيادة الدول كما فى الحالة الاكرانية, بينما تجعل القضايا الانسانية اولى من السيادة كما فى الحالة اليوغسلافية. ومما لا شك فيه فإن الازمة الاكرانيا تحتاج الى حل عاجل, هذا الى جانب حل القضايا الاخرى والتى ظلت عالقة لفترة طويلة من الزمن, مثل القضية الفلسطينية, وهذه هى الطريقة التى يمكن ان تحقق سلام دائم فى الشرق الاوسط, اوربا واماكن اخرى فى العالم.

رابعا: الالتزام بالقانون الدولى فيما يتعلق بالشأن الانسانى الاكرانى, الصين دعت المجتمع الدولى للاهتمام بالوضع الانسانى فى اكرانيا, الصين اتخذت خطوات جادة لاحتواء الازمة الانسانية فى اكرانيا, حيث انها ارسلت حزم من المساعدات الانسانية الطارئة لاكرانيا ودول اخرى متأثرة بالصراعات. وبما ان الصراع مستمر فإن الصين تدعو اطراف الصراع الى الالتزام بالقانون الدولى الانسانى الرامى الى حماية المدنيين ومؤسسات البنى التحتية والحد من حجم الخسائر فى اوساط المدنيين, وكذلك ضرورة الالتزام بتأمين وصول المساعدات الانسانية ووجود ممرات آمنة للاجلاء, هذا الى جانب حماية الحقوق الاساسية للنساء والاطفال والجرحى والاسرى. الصين تدعم كل المبادرات الداعية الى منع تفاخم الازمة الانسانية فى اكرانيا وانها مستعدة للعب دور فاعل لحل الازمة الانسانية الاكرانية. بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية ، دعت الصين المجتمع الدولي على الفور إلى التركيز على القضية المهمة المتعلقة بالوضع الإنساني في أوكرانيا ، واتخذت إجراءات ملموسة لتقديم دفعات متعددة من المساعدات الإنسانية الطارئة إلى أوكرانيا والدول المتضررة الأخرى في الوقت المناسب.

اخيرا: الالتزام بمبدأ الشراكة الامنية لاجتثاث جذور الازمة الاكرانية, بما ان الحرب الباردة قد انتهت فى غضون ثلاثة عقود, والتى نتج عنها منظمة حلف الناتو والتى يجب ان تلغى مهامها, الا انها توسعت خلال العقدين الماضيين وبلغ عضويتها 30 دولة حيث تضم الان ثلث الدول الاوربية وإنه يعتبر تهديدا للأمن الروسي, ولذلك نقول من "عقد الامور هو من يجب عليه حلها", الامن الروسى يجب ان يحترم, كما ان السيادة الاكرانية وامنها ووحدة اراضيها يجب صيانتها, والولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو عليهما التحاور مع روسيا لمخاطبة جذور الازمة الاكرانية والحفاظ على المصالح الامنية لكل من روسيا واكرانيا, وبهذا يمكن تحقيق توازن امنى اوربى فاعل ودائم.

س6: مستشار الدولة الصينية ووزير خارجيتها وانغ يي قد تحدث نيابة عن الصين عن مفهوم التنمية السلمية في القرن الأفريقي فى بداية هذا العام, هل يمكنك ان تحدثنا بالمزيد عن تلك الرؤية؟.

السفير ما: الصين دائما تؤمن ان افريقيا للشعب الافريقى, وان الشعب الافريقى له الحق تحديد مصير افريقيا, مفهوم التنمية السلمية في القرن الأفريقي جوهره يكمن فى ضرورة دعم دول الاقليم للتخلص من التنافس الجيوسياسي للدول الكبرى وتبنى طريق الوحدة والتطور الذاتى, وبهذه الطريقة سيكون مستقبل الاقليم بأيدى القادة القادة الافارقة, وعليه فإن مفهوم التنمية السلمية في القرن الأفريقي يرتكز على ثلاثة محاور:

اولا: يجب تقوية الحوار الاقليمى الاقليمى للتغلب على التحديات الامنية, فالصين ترى ان القضايا الاقليمية يجب ان تعالج بواسطة دول الاقليم عبر التفاوض والتشاور, وقد دعت الصين الى انعقاد مؤتمر سلام فى الاقليم يتم فيه التنازلات السياسية من اجل صيانة السلام والامن كمحاولة من الحكومة الصينية لتقوية الحوار الداخلى بين دول الاقليم, الهدف من تعيين مبعوث صينى خاص لشؤون القرن الافريقى هو تقديم الدعم لدول الاقليم فى هذا الشأن.

ثانيا: انعاش الاقليم يحتاج الى العمل الجاد من اجل التغلب على التحديات التنموية التى تواجه الاقليم, ولذلك الصين تدعو الى تقوية كل من طريق سكة حديد نيروبي ممبسا وطريق سكة حديد اثيوبيا جيوبيتى, هذا الى جانب الاسراع فى تكملة المشروعات التنموية على ساحلى البحر الاحمر وشرق افريقيا, عليه فإن السكة حديد والتنمية على السواحل كفيلان بجعل دول الاقليم قادرة على الاستقلال التنموى وقادرة كذلك على خلق بيئة مواتية لتحقيق السلام والاستقرار ورفع مستوى المعيشة فى المنطقة.

ثالثا: الاقليم يحتاج الى اكتشاف وسائل فاعلة للتغلب على تحديات الحكم, الصين تدعم دول الاقليم لاستحداث وسائل تنموية تتناسب و ظروفها الخاصة, الصين مستعدة على التعاون مع دول الاقليم من خلال تبادل الاراء فيما يتعلق بقضايا الحكم والصعوبات التى تواجه دول الاقليم فى هذا الاطار, كما ان الصين تدعم دول الاقليم لايجاد حلول مناسبة لتسوية النزاعات الاثنية والدينية وفقا للاعراف الافريقية, ايضا الصين تدعو الى ضرورة خلق بيئة مواتية من حيث الاستقرار والانسجام لتطوير القرن الافريقى, ووفقا لروح الصداقة والتعاون بين الصين وافريقيا والتى تميزت بالاخلاص والمساواة من خلال تبادل المنافع التنموية المشتركة والتى تميزت ايضا بالنزاهة والعدل والانفتاح والشمولية. فإن الصين تبذل قصارى جهدها لجعل مستقبل السلام والتنمية فى منطقة القرن الافريقى امرا واقعا وذلك من خلال بناء المجتمع الصينى الافريقى ذات المصير المشتىك فى العهد الجديد.

س7: لقد تم انعقاد المؤتمر الوزارى الثامن لمنتدى التعاون الصينى الافريقى بنجاح فى نهاية العام الماضى, ما الذى تراه مهما فى هذا المؤتمر لتطوير مستقبل العلاقات الصينية الافريقية؟.

السفير ما: عقد المؤتمرالوزارى الثامن لمنتدى التعاون الصينى الافريقى فى العام 2021 بالعاصمة السنغالية داكار, فى الفترة من 29 الى 30 نوفمبر, بحضور ممثلين ل 53 دولة افريقية من دول الاتحاد الافريقى, وقد خاطب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرئيس الصينى شي جينبينغ بكلمة جاء فيها "علينا ان نتمسك بما يجعلنا نقف مع بعضنا البعض ونتكاتف من اجل بناء مجتمع صينى افريقى ذات مصير مشترك فى العهد الجديد".

الرئيس الصينى استعرض مسيرة الانجازات التأريخية التى تمت خلال ال 65 عاما الماضية, وذلك منذ انطلاقة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وافريقيا, وطرح روح التعاون الودي بين الصين وأفريقيا القائمة على "الصداقة المخلصة ، والمعاملة المتساوية ، والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك ، والتنمية المشتركة ، ودعم العدالة ، والدفاع عن العدالة ، والتكيف مع الوضع الحالي ، والانفتاح والشمول"،وهى زخر للشعبين الصينى والافريقى.

العلاقات الصينية الافريقية ظلت تواجه تحديات جديدة بسبب التغيرات الدولية والجائحة, وعليه فإن الرئيس الصينى شي وضع اربعة مرتكزات لبناء مجتمع صينى افريقى ذات مستقبل مشترك فى العهدالجديد. اولا من خلال الوقفة الصلبة لمحاربة كوفيذ-19 واعطاء الاولوية لصحة الانسان, وثانيا تعميق وتعزيز التعاون العملى من خلال المشاركة فى فرص التنمية ودعم الجهود المشتركة للتعافى الاقتصادى, وثالثا من خلال الاهتمام بالبيئة والسعى لتوفير المياه العذبة وحماية الاراضى الخصبة, ورابعا التمسك بمبدأ المساواة والعدالة لدعم وصون المصالح المشتركة, بهذه الطريقة يمكن تلبية التطلعات المشتركة لشعبي البلدين ويعد مدخلا لتحيقيق الاهداف الرامية لبناء مجتمع صينى افريقى ذات مستقبل مشترك فى العهد الجديد من مسيرة العلاقات ومستقبلها.

بما ان الدول الافريقية تعانى من آثار كوفيد-19 والذى كان سببا فى تدهور اقتصادياتها, فقد علقت آمالها على التعاون الصينى الافريقى كمدخل لتعافى الافتصاد, وفى هذا الاطار اعلن الرئيس الصينى شي وقوف الصين مع الدول الافريقية لإعادة اقتصادها من خلال المشروعات التنموية التسعة وهى برامج طبية وصحية ,برامج محاربة الفقر, برامج التنمية الزراعية, برامج النمو التجارى, الاستثمار, برامج الابتكارات الرقمية, برامج حماية البيئة, بناء القدرات, برامج التبادل الثقافى بين الشعوب وبرامج الامن والسلام.

كما ان مؤتمر داكار تبنى اربعة وثائق, وهى اعلان داكار, وخطة داكار للفترة مابين 2022 الى 2024, ورؤية التعاون الصينى الافريقى 2035 واعلان الصين وافريقيا للتعاون فى قضايا التغير المناخى, فإن هذه الوثائق تؤكد الرغبة القوية للصين والدول الافريقية فى مواجهة التحديات التنموية المشتركة, كما انه يبين لنا ان التعاون الصينى الافريقى يرتكز على امكانات ضخمة, كما انها ايضا تعد معلما بارزا فى مسيرة العلاقات الصينية الافريقية.

وعليه يمكن القول ان منتدى التعاون الصينى الافريقى والذى تم تأسيسه قبل 22 سنة اصبح نموذجا للتعاون الجنوبى الجنوبى ورائدا للتعاون الدولى مع افريقيا, وبالنظر الى الامام ومن خلال تنسيق الجهود فإن 2.7 مليار صينى وافريقى ومن ضمنهم شعب السودان يمكن ان يشكلو ملامح المجتمع الصينى الافريقى ذات المصير المشترك فى العهد الجديد. 

س8: الحكومة الصينية تبنت سياسة "زيرو كوفيد الديناميكية" تمشيا مع الظروف الخاصة بها كدولة, هنالك اسئلة من بعض الجهات, لاسيما الاعلامية منها, تسأل عن مضمون هذه السياسة الجديدة للتعاطى مع كوفيد-19, فما تعليقك على سياسة "زيرو كوفيد" الديناميكية؟

السفير ما: منذ اندلاع الوباء وفى ايامه الاولى، ظلت الحكومة الصينية تلتزم بمنهج الوقاية من الحالات القادمة من الخارج والحد من انتشار الجائحة في الداخل، وتلتزم بسياسة "صفر كوفيد" الديناميكية، وتقوم بتعديل تدابير مكافحة الجائحة بناءً على الوضع المتطور، وقد حققت إنجازات استراتيجية كبيرة في المعركة ضد الجائحة.

سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية تتماشى مع واقع الصين. والصين دولة ذات عدد ضخم من السكان، حيث يبلغ عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا وأكثر 267 مليونًا، ويزيد عدد الأطفال عن 250 مليونًا. كدولة بها عدد كبير من السكان ، إذا خففت الصين من الوقاية من الوباء والسيطرة عليه ، سيموت عدد كبير من كبار السن.  لذا سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية تنجح في حماية الفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال.

سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية تكفل الحماية الفعالة لحقوق الإنسان. وتمثل الفلسفة الحاكمة للحكومة الصينية المتمثلة في الشعب أولا والحياة أولا، وقد نجحت الصين في ضمان الحياة والصحة والإنتاج الطبيعي ونظام المعيشة لأكثر من 1.4 مليار صيني إلى أقصى حد ممكن.  واصبحت الصين هى الاقل نسبة فى العالم من حيث الاصابات بحالات كوفيد-19, والاقل ايضا عالميا من حيث الوفيات.

سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية توفر ضمانا عمليا للتنمية. لا تسعى سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية إلى عدم وجود عدوى، بل إلى السيطرة على الجائحة بأقل تكلفة اجتماعية في أقصر وقت ممكن. وله هدف واحد فقط ، وهو ضمان التنمية المستدامة والصحية والمستقرة للاقتصاد والمجتمع مع تعزيز الجانب الصحى وحماية الارواح إلى أقصى حد ممكن. لذا سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية تنجح في تقليل تأثير الجائحة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية بقدر الإمكان. ويمكن لأغلبية السكان الصينيين في معظم أنحاء البلاد الاستمتاع بالحياة والعمل بشكل طبيعي.

أثبتت التجارب على أن سياسة "صفر كوفيد" الديناميكية لا تعود بالخير للصين فحسب، بل للعالم برمته. وتمتلك الصين أساسا وظروفا وقدرة كافية على تحقيق "صفر كوفيد" الديناميكية، كما لدى الصين حكومةً وشعبا كل الثقة في الانتصار في المعركة ضد الجائحة، بما يقدم مساهمات أكبر لتعزيز التضامن العالمي في مكافحة الجائحة.


Suggest to a Friend:   
Print
302 Found

302 Found


nginx